أحدث ما نشر

مدونة الشاعر والباحث قاسم موسى الفرطوسي .

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

@كوديا" أول من أرتداه اليشماغ...@لباس سومري تعددت الوانه واستخداماته الصباح /@يوسف المحمداوي مشير فيه الى الكاتب @قاسم الفرطوسي

"كوديا" أول من أرتداه
اليشماغ...لباس سومري تعددت الوانه واستخداماته الصباح /يوسف المحمداوي
الكثير من الموديلات الحديثة للملابس تطل علينا من خلال شريحة الشباب،وجميعها ومن غير شك هي في سباق دائم من اجل الاناقة واثبات الوجود في عالم الازياء الذي اصبح من ضرورات العصر الذي نعيش،لكن هناك ازياء يعدها البعض من الفلوكلور الذي يجب عدم المساس به لكونه يمثل تاريخ الشعوب ،ومن الازياء التي بقيت محافظة على ثوابتها هو الزي العربي الرجالي من خلال الدشداشة والعقال واليشماغ،وقد تحدثنا عن العقال واسباب ظهوره وصناعته وانواعه،واليوم نبحر مع جزء مهم من ذلك الزي الا وهو غطاء الرأس او مايسمى عند العرب في شمال الجزيرة والاردن والعراق"اليشماغ".
شكل جمالي ووقائي
اليشماغ هي كلمة سومرية تتكون من مقطعين واصلها "اش ماخ" اي غطاء الرأس العظيم ،واستخدامه العملي فضلا عن ضرورته الجمالية ، الوقاية من البرد ولهيب الشمس،فضلا عن استخدامه كلثام عند سكان الصحراء ليقيهم من الرمال والرياح،واتذكر جيدا حين كان يرتديه والدي كنت اتمنى ان اصبح شابا يافعا حتى ارتدي ذلك اليشماغ الذي كان يسميه والدي (الشطفة) حين يكون مطرزا بتلك الاشكال الهندسية السوداء،وحين يرتديها بيضاء من دون تلك الرسوم يسميها (الغترة)،ومع اني كبرت ولم احقق حلمي وبقيت محافظا على زي الافندي،لكن بقيت عدة اسئلة تثير فضول معرفتي منها ، ماسر تلك الرسوم الموجودة على اليشماغ وما هو المعنى في وجودها؟ومتى اول مرة تم ارتداء غطاء الرأس عند العراقيين؟ووجدت جميع تلك الاجوبة في لقاء جمعني مع الباحث الراحل قاسم موسى الفرطوسي في مقر المنتدى الثقافي الذي تشرفت برئاسته ما بعد التغيير،حيث بين لي ان اليشماغ يدعي البعض جاء به الانكليز وهذا ادعاء باطل لكونه زي سومري حيث كان الكهنة في حضارة سومر يواظبون على ارتدائه اثناء اجراء الطقوس وكان لباسهم من الراس الى القدمين يتميز باللون الابيض بأستثناء الشبك الذي يضعونه على غطاء الراس يكون لونه اسودا.
الحاكم "كوديا" واليشماغ
ما يعزز قول باحثنا رحمه الله انه اثناء زيارتي لمتحف اللوفر في باريس،تسنى لي الوقوف امام جدنا الحاكم السومري"كوديا" وهو يرتدي اليشماغ بالطريقة البغدادية المعروفة اليوم،ويبين الفرطوسي ان "كوديا"اول حاكم سومري ارتدى اليشماغ،وان لبسه كان له شان عظيم في ذلك الزمان حيث جمع لابسه بين السلطة الدينية والدنيوية ويخضع له الجميع وصار لباسا للامراء وكبار الكهنة في العصر الذهبي السومري (2122-2014 ق.م)،وعن الاشكال المرسومة على اليشماغ يبين الفرطوسي انه في فصل الربيع اي موسم التكاثر تقوم مجموعة من كهنة المعبد السومري بوضع شبكة سوداء على غطاء الرأس الابيض،وهو رمز سومري لطرد الارواح الشريرة ،فضلا عن كونها تذكير للعامة بموسم التكاثر من الصيد والزراعة وضرورة عزل حصة المعبد مما يحصلون عليه،فالاشكال الموجودة على اليشماغ هي اشارة لشبكة الصيد وكذلك للمنتج الزراعي،وهي رموز سومرية مازالت موجودة الى يومنا هذا كأرث فولكلوري.
طاردة للارواح الشريرة
العهد السومري شهد ازدهارا كبيرا في صناعة النسيج،وبدلا من تلك الشبكة كما يبين محدثنا طرزت تلك الشبكة على شكل رسومات فوق غطاء الرأس الابيض،وهي تمثل سنابل القمح وزعانف واصداف الاسماك التي تعد حسب معتقداتهم في ذلك الزمن طاردة للارواح الشريرة ومهدئة للنفوس وجالبة للرزق ،وكان في البداية يقتصر لبس اليشماغ المطرز على الحاكم والكهنة وخاصة في مواسم التكاثر،وماأكد لي كلام الفرطوسي انه اثناء زيارتي لباريس، وجدت في اللوفر تماثيل اخرى للحاكم"كوديا" وهو حليق الرأس،مضيفا ان الانكليز عند احتلالهم للعديد من البلاد العربية لهم الفضل بتطوير الشكل الخارجي وتعدد الوانه وجودة القماش ودقة التطريز،فمثلا اليشماغ الاحمر فرضه احد الضباط الانكليز كزي عسكري على الجيش الاردني،وذلك لانعاش صناعة الشركات البريطانية من خلال توفيره،ومن الاردن انتقل اليشماغ الاحمر للفلسطينين وبعض البلدان العربية،ويطلق عليه اسم "الكوفية"،ولليشماغ وطريقة لبسه اشكال مختلفة عند العراقيين وحتى في اشكال الرسومات المطرزة عليه والوانه،فالسادة الذي يرجع نسبهم الى الرسول(ص)يرتدون اليشماغ الاسود او الازرق،والصابئة الاحمر،واليزيدية بين الاحمر والابيض،وبعض سكان الغربية الاحمر والبعض الآخر الابيض،وعامة جنوب ووسط العراق هو اليشماغ السومري المعروف،وله دلالات اجتماعية مثلا في المأتم اما تنزل مقدمته على الوجه بحيث يغطي الحاجب،وبالثأر يعلق بالرقبة بشكل مقلوب،المهم ومايعنينا هو ان اليشماغ ليس غطاء للراس فقط وانما وثيقة سومرية خالصة أرشفت لنا بعض طقوس تلك الحضارة.