أحدث ما نشر

مدونة الشاعر والباحث قاسم موسى الفرطوسي .

الجمعة، 27 مارس 2015

@مظفر عبد المجيد النواب – آلهة الشعر في بلاد الرافدين............



مظفر عبد المجيد النواب – آلهة الشعر في بلاد الرافدين
عمود من اعمدة الشعر العراقي , صاحب اكبر ثورة حول الشعر وهي ( الثورة النوابية ) ,معارض سياسي بارز وناقد ,تعرض للاعتقال لأكثر من مرة في العراق وحكم عليه بالاعدام وكان اخرها في سجن ديالى بحيث هرب من السجن وعاش بعدها بعدة عواصم منها بيروت ودمشق ومدن اوربية , ينتمي الى عائلة النواب وهي أسرة ثرية ومهتمة بالأدب والفن ,وهو من مواليد 1934 في بغداد , اكمل دراسته في كلية الآداب جامعة بغداد وعاد عام 2011 الى العراق بعد غربة كبيرة
مظفر النواب صوت شجي يراقص آهاته وأحزانه ويرسم كل ما يراه بمخيلة قوية وألفاظ ذات واقع حسي يهيمن على الذاكرة , انتشبت منه نار الحب والحنين والاشتياق لبلده وعشيقته فترجمها حبراً على ورق في قصيدته ( روحي ) .
نص مظفر النواب ( روحي ) في موسوعة النقد الشعبي
روحي ولا تكَلها : شبيج
وانت الماي
مكَطوعة مثل خيط السمج روحي
حلاوة ليل محروكَة حرك روحي
حمرية كَصب مهزومة بالفالة ولك روحي
وعتبها هواي ما يخلص عتب روحي ….
لا مرّيت … لانشديت …. لا حنيت
وكَالولي عليك هواي
وعودان العمر كلهن كِضن ويّاك
يا ثلج الي ما وجيت
تعال بحلم … أحسبها إلك جيّه واكَولن جيت
يالعيناك فحل الكطا الكاطع جول
يلي شوفتك شبّاج للقاسم … ودخول السنة من الكَاك
يا فيّ النبع واطعم …. عطش صبّير ولا فركاك
يالرهميت … يا مفتاح فضة ولا رهم غيرك عليّ مفتاح
أجرتلك مخدتي وانطر الشبّاج اليجيبك
وانت عرس الليل والقدّاح
يا هلبت تجي ونرتاح ؟؟
واكعدلك على فراش العرس
طركَــ المسج والنوم
عمر واتعده التلاثين … لا يفلان
عمر واتعدّه واتعديت
ولا نوبة عذر ودّيت
وانه والمسج والليل وانت النوم
واغمّض عود اجيسك يا ترف تاخذني زخة لوم
واكَلك : ليش وازيت العمر يفلان
يفلان العمر … يشكَر ولك يفلان
شيوكف العمر يفلان وهجرك دوم
كل ليلة اشوفك بالحلم عريس
اكَول اليوم
يجيبه …. خلص كَلبي واكَول اليوم
ولا التفتيت … ولا وعديت … ولا استخطيت
ولا طارش جذب ودّيت
ولا مرّة شلت عينك تعرف البيت
وكَالولي عليك هواي …. ورحت ابراي وجيت ابراي
حسبالي سنة وسنتين وتلاثة
واشوفك ذاك البكَلبي … واضوكَك ماي
حسبالي اشوفك ابن اوادم …. يا شكَلك … موش اشوفك هاي
ولا حسّيت ……. ولا استخطيت
ولا جيت اعله ماي
تبيع بيّه وتشتري بالسوكَــ
لا ما جيت
وكَالولي عليك هواي ……. كَالولي ……
كَالولي …….
كَالولي
نص له ترافة شعرية وتراقص على نغمات الحب المطعمة بالعتب فدخل بصورة شعرية كبيرة جداً حتى احدثت ضجة كبيرة في تلك الفترة
و قال فيها الكاتب والشاعر @قاسم موسى الفرطوسي :-
{في ربيع كل عام وعند هبوب الرياح تتطاير في أجواء الاهوار خيوط بيضاء ضعيفة ومن ثم تتعلق بأطراف القصب والبردي والبيوت ويطلق عليها (خويط السما ) ولم نعرف مصدرها ولكن هناك رأي يقول إنها خيوط العنكبوت .. وهذا غير معقول .. حيث نحتاج الى أعداد هائلة من العناكب حتى تملأ أجواء الاهوار لثلاث محافظات جنوبية وعند سقوط الامطار تتلاشى عن الانظار
وعندما لجأ الشاعر مظفر النواب الى الاهوار والتحق بالكفاح المسلح. رصد هذه الظاهرة وأدخلها بمفردات قصائده الأهوارية ومنها قصيدة روحي.
وعندما انتشرت هذه القصيدة في أوائل الستينيات ومازال الجدل بين الشعراء الشعبين حول مفردة ((مثل خيط السما روحي )) أو (مثل خيط السمج ) وهل الاسماك لها خيوط؟}
_
بدأ النواب بقصيدته بالمتعطش والمشتاق لعشيقته التي هاجرته حتى يرى حاله بالسمك الذي غاب عنه الماء وكذلك شبه روحه بخيط السمك المقطوع وكان يقصد فيه الحبل الشوكي الرفيع الذي يشبه الخيط وانقطاعه هو موت السمكة حتماً هذا ما كان يرنو اليه ولا يقصد خويط الاهوار أو خويط السما وهذا وصف دفين وقوي عميق المعنى والدلالة , ويستمر بالتشبيه بان روحه هي جمالية الليل لانها تسهر وتحترق شوقاً صامتاً لا مفرغ لحسراته من صدره فنلتمس هنا ترافة الروح والعتب المشحون بعواطف جياشة ,وروحه التي أصبحت كسمكة ( الحمري ) التي هربت خوفا من الفالة ( وهي سلاح يتكون ثلاث اصابع مربوطة اسفل قضيب من الحديد استخدمه السومريون في الصيد ) والفالة هو رمز عراقي يتغنى به الكثير من شعراء العراق , فقط وصفها بـ (حمرية الكصب) دلالة على انها من سمك الاهوار التي تكثر في جنوب العراق وهنا نجد مستواه الشعري الذي تمكن من التوظيف واستخدام المفردة الصحيحة حيث يجاري البيئة التي هو فيها وكتب هذا النص في الجنوب العراقي وهذا يضيف جمالية للقصيدة بمدى كبير ,وعتبه الذي لا ينتهي والعتب ناتج عن الحب لانه يفتقده بحرقة ويصف العمر بعودان صغيرة التي ذبلت وتهشمت وبارت ويعاتبه بانه البارد الذي لا توجد حرقة في قلبه تجاه حبيبه وعشقه ليطالبه بالقدوم واللقاء حتى وان كان اللقاء في الاحلام لا بأس به وهذا دليل قاطع على الاشتياق الشديد ومدى سعة الحب الكبيرة التي اتعبت حاله , يدخل النواب الى تشبيهات بلاغية راقية وجميلة بحيث وصفها بطائر القطا بالوانه التي تشابه لون العيون الذي قطع تلك الاراضي القافرة وهاجر وهذا تطريز جميل للنص واضافة جمالية واستمرار الموضوعية الترفة ,يطرب بابياته ويطربنا ويصف اللقاء بالفرحة كفرحة الذي ينتظر من عاد من مجزرة كفر قاسم وهو ( سالم من الاضرار ) بحيث وضع دليله وهو ( الشباج ) ويصف فيه موقف الانتظار بوصف لاذع يدل على عبقريته الشعرية ويستمر بالفرحة حتى يصف قدومه بفرحة رأس السنة بالفاظ سلسة وجميلة وايضاً يصف بالظل الذي يرتاح فيه التَعِبْ ,ويصف اقسى الاشياء وهو العطش الذي يؤدي الى الموت والهلاك بانه اهون واسهل بكثير من الفراق وهذا ليس عشق فقط وانما متيم ومجنون وهو يقتاد خيط الحب ليصل الى اعلى مكامنه فالعشق موجود اذن مظفر موجود ,يعشقه لدرجة كبيرة بحيث لا يوجد من يوالمه ويكفيه سوى عشيقته حتى ويصفها بالمفتاح الذي لا دخول لقلبه الا به ويصف لنا اهات انتظاره حتى يحل قرب المخدة وهي ايضا رمز على الانتظار وباسلوب مجازي يوضح الانتظار بحيث هو لا ينطر الشباك ولكن من يمر من امام الشباك وهذا دليل على وعي الشاعر وفكره , ليدخل لاوصاف خطيرة يحمل الكثير في طياتها كما النهر وخفاياه فيقول :-
وانت عرس الليل والقدّاح
يا هلبت تجي ونرتاح ؟؟
واكعدلك على فراش العرس
طركَــ المسج والنوم
واصفاً نفسه بازكى واجمل الاشياء وهي النوم والمسك وهذه تبعد حب الشاعر عن عذريته فهو كان جزلاً صريحاً وبنفس الوقت دفين المعاني وخفيف الهمس كما ريح الاستغلال المداعب لاغصان الخلوة والانعزال ,وفجأة يبدأ بالشكوى وزرع الرحمة بصدر حبيبته فيخبرها بما حل بعمره وكيف قضى عمره وهو يصارع الحزن والالم حتى ضاع العمر وضاعت سنينه كما رسم على الرمال ,يكرر وصفه بالمسك ويكرر رمز النوم فهو الذي ينتابه شعور اللوم لأن اغوته نفسه وحاول العبث بالانوثة , ويكرر ايضا ما ضاع من عمره وهذا دليل على ندمه وحسافته وما بقى منه لا يحمل الهجران والبعد ويختال حاله باحلام يقظة بانه فارس الاحلام لعشقيته التي بعدت عنه ولا زال يكرر هذه الاحلام ولكنها دون جدوى فحبه وقلبه وحتى احلامه اصبحت تتكلم بعشيقته ليشرع بالعتب بالفاظ جميلة وسهلة ومتناسقة بصياغة جميلة ومحبوكة فينشد :-
ولا التفتيت … ولا وعديت … ولا استخطيت
ولا طارش جذب ودّيت
ولا مرّة شلت عينك تعرف البيت
يبدأ بالحقيقة ويعترف بان هناك من كان ينصحه حول حبيبته لكنه رغم كل القيود حاول التمسك بالحب ,فحبيبته جرحت ما بداخله وهاجرت مضيا بعيدة عنه فينهال عليها بالعتب المطعم ببعض الاساءة وينحدر لاساءة اقوى وهذه تحسب عليه ,فحبيبته التي اشترته باعته بارخص الاثمان وهذا يغضبه جداً فيذكرها بما قالوا له ليختمها بـ ( كالولي … وكالولي … ) فهنا نجدها خاتمة بابداع كبير ومستوى توظيف رائع ومجيد فهو فحل من فحول الشعر ونخل باسط من نخيل بلدي وجبل شامخ من جبال شمالي صريح شعراً يرسم ما يراه ويخط ما يعيشه بملاحم ابداعية وقصائد ثورية على الحب ,فهنيئاً لادبنا الشعبي وادبنا العربي بانه يحمل اسماً كهذه الاسم الذي تسلق سلم الابداع للوصول بقرب بنات سهيل .
قراءه نقديه
للناقد الاستاذ
@علي هاشم خضير الغالبي
العراق_ بغداد
ناقد شعبي