أحدث ما نشر

مدونة الشاعر والباحث قاسم موسى الفرطوسي .

الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

زبون ابن ابيه ورياض الفهد في ( @كواهين الصيكل ) الكاتب .. #قاسم موسى الفرطوسي

زبون ابن ابيه ورياض الفهد في ( كواهين الصيكل )
الكاتب .. قاسم موسى الفرطوسي
الصيكل قرية نائية في عمق الاهوار بيوتها قصبية على جزر صغيرة عائمة في وسط بركة متلاطمة الامواج وعلى امتداد خمس كيلو مترات تابعة ادارياً الى قضاء الميمونة في العمارة , اسسها عرب الاهوار في بداية القرن التاسع عشر و النازحين من اليابسة تخلصاً من ( جندرمة ) الاحتلال العثماني و اقطاعيته الجائرة لانهم دوماً يرفضون ضريبة ( الكودة ) و التي كانت تفرض على مربي الجاموس ففي هذه القرية العائمة تدور احداث رواية الاستاذ رياض الفهد ( زبون ابن ابيه ) و الصادرة عن مؤسسة المرتضى , و ابطالها كلهم من سكنة قرية الصيكل او من القرى و الاهوار المجاورة ( زبون , حورية , كاشية , المعلم قاسم , روبين اليهودي , ستار الصبي , كريم الصياد , شيخ نكال , وفريضة ال بو محمد سلمان ابن غيلان ) و الرواية من الحجم المتوسط .
الاستاذ رياض الفهد مواليد المدينة ولكن جذوره اهوارية حيث ان جده كان شيخاً متنفذاً في اهوار الطويل وقد ارتبطت باسمه هذه الاهزوجة ( كح نكال وهز بيت الله ص111 ) ومن عائلة لها اهتمام كبير بالفن و الادب في محافظة العمارة ومنهم ( زاهر الفهد , عبد الاله الفهد , خيون دواي الفهد ) لذلك غاص القاص في مياه ( كواهين الصيكل ) ليكتب لنا رواية اهوارية يروي فيها اساطير سومرية و تقاليد و عادات عربية اصيلة كالشجاعة و الكرم و حماية الدخيل .
زبون ابن ابيه رواية بطلها زبون فلاح و صياد من قرية الصيكل احب حورية فتزوجها واولدها ثلاث بنات ( سليمة , رحيمة , نديمة ) ومن رحلة صيد في الاهوار غاب زبون عن الأنظار ولمدة خمس وعشرين عاماً وظمن اساطير يؤمن بها اهل الهور ( ان زبون غاب وابتلعه الطنطل و على شكل سمكة في اهوار الصيكل ص18 ) و بغيابه خيم الحزن و الاسى على اهالي القرية مما جعل الكل يفتش عنه فصديقه ستار الصبي يفتش في الاهوار لعله يجده اما المعلم قاسم فشد الرحال الى بغداد ونزل في منطقة الميدان ( ص41) فربما يجده في المدينة و في هذه الفترة التي تجاوزت على الربع قرن مرت على القرية حوادث مؤلمة منها غياب زبون و انتحار بناته الثلاثة ( ص103)و ابادة عائلة كريم الصياد نتيجة نعرة عشائرية , ومقتل تاجر الاقمشة المتجول روبين اليهودي من قبل عصابة من قطاع الطرق طمعاً باقمشته وليس لاسباب سياسية او دينية ( ص33) و العثور على خاتمه في اسواق منطقة الميدان من قبل المعلم قاسم اثناء وجوده في بغداد (ص90) حتى ظهور زبون المزور ( الكذابي ) (ص151) بعد ان تقبلته العشيرة و اهل القرية ورفضته حورية لانه لاتوجد في جسمه علامات فارقة كان يحملها زوجها زبون الحقيقي فكشفت امره و عرته و طالبته بالرحيل ( ارحل ارحل ص152 ) و انتهى به الامر ان يسرق مشحوف و شباك كريم الصياد و ينهزم في عمق الاهوار .
حقاً لقد اعطى الاستاذ رياض الفهد في روايته زبون ابن ابيه صوراً مشرقة عن مجتمع الاهوار لكونه كان خليطاً متجانساً ففيه المسلم و الصابئي و اليهودي و بدون تفرقة , و كذلك مشاركة المرأة لاخيها الرجل و تحملها المصائب و المحن و المتمثلة بحورية , و دور المعلم الكبير التوجيهي و الارشادي و ليس معلماً للاولاد فقط كما مر الاستاذ رياض على الاحداث السياسية و الحروب التي مرت على العراق خلال هذه الفترة على غياب زبون وكذلك ذكر انتفاضة الفلاحين ضد الاقطاع في اهوار
( ام كعيدة ) في منطقة الرفيش عام 1952 ( ص111) ودخول الاحتلال البريطاني للعراق عام 1915 ومقاومة اهل الهور له و التصدي لسفينة فراي ( ص122) و دور روئساء العشائر في فض النزاعات العشائرية و مكانة الفريضة امثال سلمان ابن غيلان فريضة ال بو محمد و الذي لازال في ذاكرة اهل الهور ( ص67) و رواية الاستاذ رياض الفهد تستحق ان تكون فلماً سينمائياً لما فيها من احداث مؤكدة .
و جاءت قرية الصيكل في الكثير من موروثنا الشعبي ففي عام 1915 قام الحاكم البريطاني برسي كوكس بتأليف لجان لتقسيم الاهوار الى اقطاعيات و تثبيت علامات من الكتل الكونكريتية في عمق الاهوار و عندما وصلوا قرية الصيكل هب ابنائها و هجموا على اللجان وقلعوا الثوابت و هم يهزجون ( دك ثاية بحدود الصيكل ) و في الخمسينيات كتب المرحوم جودت التميمي قصيدته ( على جرفك يصيكل اعصر دموعي ) و في عام 1963 و عندما كنت معلماً فيها تغزلت بفتياتها الجميلات بقصيدة شعبية منها .
انا بهورك يصيكل غازليت البيض وكضيت اصباي بام جناغ اتغزل
وقرية الصيكل مر بها كل من الرحالة الاجانب ( ولفرد ثيسيغر , كافن يونك , كافن مكسويل ) وقد جاء اسمها في صدري مؤلفاتهم و اخيراً نتمنى للاستاذ القاص المبدع رياض الفهد السلامة بعد عودته من ( كواهين ) الصيكل .