أحدث ما نشر

مدونة الشاعر والباحث قاسم موسى الفرطوسي .

الاثنين، 25 أغسطس 2014

غيلان نشيد المشاحيف قصةً من (تسكام) الأستاذ عبد الأمير المجر




غيلان نشيد المشاحيف قصةً من (تسكام) الأستاذ عبد الأمير المجر
قاسم موسى الفرطوسي
الخر الصغير وكنا نطلق عليه خر بديّر , جدول صغير من تفرعات نهر الوادية في المجر الكبير لواء العمارة , تنساب مياهه الغرينية بين مزارع الشلب الخضراء , ماراً بقرية صغيرة تسمى بأسمه بيوتها من القصب والبردي , ومن ثم يصبُ في هور أم العبيد والتي تكثر فيها التلال الأثرية (إشن) تحرسها طناطل سود على هيئة عبيد قصار القامة منها طنطل (داور) الجبار هذا ما جاءت به الأساطير , كان هذا عام 1962 حيث ولادة الكاتب والقاص الأستاذ عبد الأمير بن حمد بن حبش المجراوي , والذي فاجئنا بإصدار قصته الأهوارية غيلان نشيد المشاحيف وقد أهدى لي نسخةً منها , وهي من إصدارات دار الشؤون الثقافية العامة (2009) ومن حجم المتوسط .
الأستاذ عبد الأمير المجر عاش طفولته في قرية الخر الصغير الغافية على ضفاف الأهوار وألتحق بمدرستها الريفية ولكن هذا الفتى الجنوبي ابن الأهوار قد شد الرحال مع عائلته ليستقر في بغداد حاملاً في ذاكرته خزيناً معرفياً كبيراً من أساطير وسوالف أهل الهور والتي كان يصغي إليها جيداً في المضايف والدواوين (الجن , الإشن , عروك القصب , حية كواهين , تسكام حجي أحميّد , الجباشة , الهباشة , شوفه , حسنه , غيلان) وهي ومحاور وأبطال قصته .
غيلان نشيد المشاحيف قصةً أهوارية تحكي مدى تعلق ابن الهور بحب مشحوفه (إنه مشحوفه الذي كان كالنديم الحميم له ص12) ويفتخر به أمام أبناء قريته لأنه مشحوفاً جديداً (تسكام حجي أحميّد ص25) وحاج حميد أمهر النجارين لصناعة المشاحيف في ناحية الهوير في القرنة والذي باعه لغيلان فركبه وسار به بين غابات القصب والممرات المائية (الكواهين) حتى وصوله إلى قريته متحدياً المخاطر وعناء السفر ومبيته في الإشن (ياغيلان كنتَ نائماً على اشنه يسكنها الجن ص22) وعند وصوله قرية الخر الصغير كان فرحاً فأمسك بعنق مشحوفه (كان غيلان قد أمسك بعنق مشحوفه فرحاً وأحتضنه .... هذا مشحوفي ص14) و كانت كل مشاحيف القرية قديمة .
كان غيلان معوزاً في حينها ولا يملك سوى المشحوف وجاموسة واحدة ترتوي العائلة من حليبها , فقرر بيعه على علوان لأن فيه ربحاً سبع دنانير تكفي لشراء دشداشة لبنته (شوفه) وعبائةً ودشداشة لزوجته (حسنه) فأستلم عشرة دنانير من علوان ثمن المشحوف ثم سار قليلاً حتى سمع نشيد أطفال القرية (ياأبو المشحوف تانيني) فتحيل غيلان بأن المشحوف يناديه ويقول له (وتعوفني ياغيلان ص25) فانهمر الدمع من عينيه ورد ... (أعوفك) رجع إلى علوان وصاح بغضب (علوان هاي العشرة دنانير مالتك خذها) وأمسك بعنق مشحوفه وعاد به وهنا انتهت القصة وأصبح البقاء لغيلان ومشحوفه وبنتها شوفه وزوجته حسنه وجاموسةً واحدة (ترغي) لباب الدار .


الأستاذ عبد الأمير المجر شاباً ومبدع وطموح وقد ألتحق بركب الرواد الذين كتبوا القصة الأهوارية ومنهم الأستاذ عزيز ياسين في قصته (فطومه) والمنشورة في مجلة الأديب البيروتية عام 1956 والأستاذ الكبير فهد الأسدي وروايته (الراضوع) وجمعة الامي وروايته (الإشن) هذا ونتمنى للقاص الموفقية ونحن ننتظر منه قصةً أهوارية ثانية (تسكام بن حبش) أي بقلم الأستاذ عبد الأمير المجر .