أحدث ما نشر

مدونة الشاعر والباحث قاسم موسى الفرطوسي .

الخميس، 28 أغسطس 2014

LinkBack رقم المشاركة : الطناطل _____خ



رقم المشاركة : 1
افتراضيالطناطل



طنطل، الجمع طناطل، اسم مرعب ومخيف يهابه سكان الاهوار وحتى الاطفال منهم، فعندما لا ينام الطفل ليلا ولسبب ما فما على امه الا تهديده به فتنادي عليه”نام اجاك الطنطل “ فيدب الخوف فيه وينام مرغما وصابرا على آلامه واسباب بكائه، وطنطل الاهوار يختلف اختلافا كليا عما موجود منه في المدن والازقة المظلمة والمقابر والصحاري،



ففي الاهوار يكون شرسا ومؤذيا ويقطع الطرق على الصيادين والمسافرين بين قرية عائمة واخرى ويسيطر على مساحات واسعة ويحرم وصول البشر اليها لذلك تتكاثر الاسماك والطيور فيها وتتشابك غابات قصبها وهناك عشرات القصص يرويها سكان الاهوار في مضايفهم ودواوينهم. وهي دائما قصص مخيفة ومنها قصة”احفيظ “ الجبار والذي لا تستطيع اية قوة في هذا الكون قهره، او طنطل”ام العبيد “ في اهوار المجر الكبير وهو على هيئة عبد اسود، والطناطل دائما تسكن الاهوار البعيدة والاشن والممرات المائية”كواهين “ وتهاجم الانسان اذا كان بمفرده وتطلق اصواتا غريبة وتبدل احجامها واشكالها باية لحظة لتثير الرعب في نفوس المسافرين. وعندما نسأل كبار السن من عرب الاهوار فكان جوابهم بانها شياطين خارجة عن طاعة الله سبحانه وتعالى ويربطون ذلك باساطير وخرافات ومنها اسطورة ”احفيظوالتي تناقلتها الاجيال، حيث تقول: في قديم الزمان كانت هناك مملكتان كبيرتان في جنوب وادي الرافدين هما مملكتا”العكر، ابو شذر واخيهما احفيظ “ وقد ازدهرت الحياة فيهما، فبنوا المدن والمعابد المقوسة والمزخرفة واحاطوها بالاسيجة”المسناياتحفاظا عليها من الفيضان واهتموا بزراعة بساتين النخيل والفاكهة حتى اصبحت”جنة الله على الارض “ ولكنهم تجبروا وكفروا وخرجوا عن طاعة”الاله “ فغضب عليهم وقلب مدنهم بالزلزال واغرقهم بالطوفان واصبحت هذه المدن الان ركاما اثريا والتي تسمى اليوم”الاشن “ ثم انزل الطناطل والجن لتحرسها ومن هذه الاشن”العكر، ابو شذر، احفيظ، الواجف، وغيرها “ وهذه الاسطورة تشبه لحد ما ملحمة كلكامش وقصة الطوفان قبل خمسة الاف سنة، ويؤيد ذلك الرحالة البريطاني كافن يونغ في كتابه”العودة الى الاهوار، صفحة 40 “ حيث يقول: هناك قصص كثيرة تروى عن الطناطل حول نيران المساء ويقال انها تحرس كنزا غامضا عن جزيرة اخفتها بالسحر عن عيون البشر. ويقصد بذلك الكنز الذهبي الذي يحرسه طنطل احفيظ في عمق الاهوار الوسطى. وتتخذ الطناطل اسماءها من اسماء الاهواء والاشن والكواهين مثل طنطل ابو اغريب، طنطل ام العبيد، طنطل ابو اسميج، طنطل داور، طنطل صلين، ويشرف احفيظ على عشرات الطناطل في الاهوار وله السيطرة التامة عليها. وقد تسبب هذه الطناطل بعض العاهات والعوق او الجنون او بعض التشوهات في الجسم عند اصطدامها مع البشر، ولكن البعض منها تبني صداقات مع رعاة الجاموس”المعدان “ بعد ان يقدموا لها خبزة تمن مشوية”حناية “ بدون ملح لانه لا يحب الملح ويطلق عليه اسم ثان”ماصخ “ وبالرغم من عظمته هذه وشجاعته ومراوغته لكنه يخاف من الابرة والمخيط واية آلة حديدية فينهزم عندما تشهر بوجهه فيختفي من غابات القصب.


والطنطل يعد رمز الشجاعة والبطولة لدى عرب الاهوار فقد جاء في اهازيجهم”احفيظ الشافك ماتت جنحانهوفي الامثال الشعبية”جنك طنطل ابو اسميج “ وللانسان الملثم وصاحب المنظر المخيف”جنك طنطل “ او”قابل انا طنطل اكل ماصخ “ والكثير من ذلك في موروثنا الشعبي وبعد المد الحضاري وتطور المجتمع الاهواري وكذلك بعد جريمة تجفيف الاهوار عام 1992 انتهت تقريبا معظم هذه الاساطير والخرافات ولكننا كباقي الشعوب في العالم نعتز بموروثنا الشعبي مثل”عبد الشط، السعلوه، الطنطل، عوج ابن عناق “ وسيبقى موروثنا الشعبي خالدا تتناقله الاجيال القادمة.

منقول من جريدة الصباح العراقية للكاتب قاسم موسى الفرطوسي