أحدث ما نشر

مدونة الشاعر والباحث قاسم موسى الفرطوسي .

الجمعة، 4 يوليو 2014

الفرفر يعود لبناء أعشاشه في الأهوار



الفرفر يعود لبناء أعشاشه في الأهوار
تم قراءة الموضوع 702 مرة   






21/5/2011 12:00 صباحا
قاسم موسى الفرطوسي
الفرفر والجمع فرافر. طير سومري جميل مقيم في الأهوار منذ آلاف السنين ولايغادرها كباقي الطيور المهاجرة لأنه عاش في دفء الأهوار وتغذى على جذور نباتاتها ويمتاز هذا الطير بريشه الأزرق الجميل الزاهي وفي مؤخرته بعض من الريشات البيضاء. أرجله طويلة حمراء ومنقاره قصير وصلعة حمراء في مقدمة رأسه وبيضته كبيرة رمادية اللون وفيها بعض النقاط السوداء الصغيرة لحمه لذيذ وبيضه يؤكل ولكن هذا الطير كثير الأنين ليل نهار لتعطيه لونا من الحزن السومري الموروث في هذه البيئة ويطلق على أنينه هذا بالقنة (كنه) وعندما يحس بالخطر يطلق أنينه هذا بصوت عالٍ فترتفع أصوات مجاميعه من بين غابات القصب والبردي وكأنها فرقة إنشاد منظمة وعلى أنينه هذه يتسلل إليه الصياد بين أحراش البردي بزورقه الصغير والمدبب فيطلق عليه النار ويقتله.
اما سكان الأهوار فيطلقون عليه اسما خاصا بهم (برهان والجمع براهين) ولايعرفون اسمه العلمي (فرفر) وتنتشر هذه البراهين بكثرة وفي مساحات واسعة في الأهوار ودائما يتخذ من غابات البردي والكولان مكانا له والقريبة من القرى العائمة او قرب مزارع الشلب وهو قليل السباحة والخوض بالماء وانما ينتقل بهدوء على أغصان البردي وكذلك قليل الطيران، حيت لايتعدى طيرانه مئات الأمتار ثم ينزل حيث يختفي بين البردي من الخطر. وطير البرهان يعيش نظام العائلة وليس كأسراب او مجاميع وانما يعيش الذكر وانثاه وفراخهما الصغار في عش واحد، حيث تبقى الانثى على بيوضها او أفراخها في العش ويتكفل الذكر بإحضار الغذاء لهما (من لب) النباتات الطرية ولايبعد عنهم الا لبضعة أمتار. يتكاثر طير البرهان في فصل الربيع ويضع بيوضه في عش نسجه من أغصان البردي والنباتات الأخرى وعلى ارتفاع عالٍ خوفا عليه من الفيضان والذي يحدث في هذا الفصل من كل عام، حيث تضع الأنثى أكثر من عشر بيضات وتجلس عليها لمدة ثلاثة أسابيع حتى التفقيس وتخرج منها الصغار وقد تتعرض هذه البيوض الى عبث الأطفال الذين يدخلون الأهوار او من بعض الصيادين او رعاة الجاموس، حيث يأتون بها الى بيوتهم لغرض التدجين، إذ توضع مع بيوض الدجاج ولكن هذه الافراخ معضمها تموت ومن تبقى منها يكبر ويربط بخيط او يقص أطراف أجنحته حتى لايلتحق بمجاميعها الموجودة بالأهوار القريبة.
والبراهين كثير ما تتعرض الى الإبادة من قبل الطيور الجارحة والمهاجرة مثل الصقر والحوم او من صيادين اختصاص وقتلها ببندقية محلية الصنع (جعازة) او من قبل الفلاحين والتي تقع مزارعهم قرب الاهوار لأن مجاميع هذه البراهين تهجم نهارا وتأكل (لب) تالات الشلب عند أول نموها فتسبب كارثة لهم.
وجاء البرهان في موروثنا الشعبي ففي الامثال الشعبية فجاء (برهان وانكطع خيطه) وكذلك قصائد الشعر الشعبية حيث جاء في قصيدة المرحوم مجيد جاسم الغيون حينما قال:
(ياهور الجبايش لاتسد الشط)
(اكلك لاتسد الشط)
(برهانك على المحداد يشبع غط)
والمحداد هو جذر القصب الطري اما ابن الهور فكثيرا ما يصف شعر حبيبته بريشه الزاهر حيث قال:
(كذلتها ريش البراهين)
(وخدودها قالب صوابين)
(نهودها جفية فناجين)
وبنت الهور والتي هجرها حبيبها لسبب ما فقد ناجته بهذا البيت من الدارمي وطلب منه ان تشاركه الانين فقالت.
بال الونه يل البرهان شاركني وياك... انا اعلى عله ولفي الراح وانته على دنياك
 وقد عاد طير البرهان الى اعشاشه ثانية بين البردي في الاهوار بعد ان اعيدت لها الحياة هذه ما نقله لي الصيادون في اهوار  الصحين المجففة وهذه هي اولى بشائر الخير بعودة اهوارنا الجميلة.