أحدث ما نشر

مدونة الشاعر والباحث قاسم موسى الفرطوسي .

الجمعة، 4 يوليو 2014

أهوار أبو عران ومعركة المشاحيف



أهوار أبو عران ومعركة المشاحيف http://www.alsabaah.iq/uploads/alsabaahosama/logofinal.jpg
تم قراءة الموضوع 722 مرة   







13/9/2011 12:00 صباحا
قاسم موسى الفرطوسي

تقع اهوار(ابو عران) على الضفة الغربية لنهر دجلة، والتي تمتد من ناحية العزيز حتى اهوار القرنة، وسميت بهذا الاسم نسبة الى بيت ابو عران وهم من عشائر آل فريجات والنوافل، وفي موسم الفيضانات تقع المياه وتزحف على ضفاف دجلة وتقطع الطريق العام بين العمارة والبصرة(آنذاك)، وكان هذا اواخر عام 1914 اي بعد سقوط البصرة من قبل الجيش البريطاني، ثم احتلال القرنة في اواخر عام 1915 لذلك تقدم الاتراك ورجال العشائر العربية لاسترجاع البصرة بثلاثة محاور(المصدر جبار عبدالله الجويبراوي) والمحاور هي:

المحور الاول: وهو محور الحويزة(كارون.عبدان.البصرة) بقيادة محمد فاضل الداغستاني وثلاثة الاف مقاتل عربي بقيادة الشيخ(غضبان البنية) شيخ عشائر بني لام، اما الجيش البريطاني فكان بقيادة (غورنك) والمؤلف من المرتزقة(كركة وسيخ) وفي منطقة(المنجورة) دارت معركة طاحنة تكبد فيها البريطانيون اكثر من ثلاثمائة جندي بريطاني، وقد استبسل فيها المقاتلون العرب ولكن مرض ووفاة القائد التركي سبب تقهقر الجيش، وعاد المجاهدون الى العمارة.

المحور الثاني: وهو محور الناصرية (الخميسة.العلوي.النخيلة.الشعيبة) بقيادة سليمان العسكري وعلي بك،وعشرين الف مقاتل عربي من عشائر المنتفك، اما الجيش البريطاني والمتحصن بالشعيبة فكانبقيادة(ملسن) وبدأ الهجوم يوم11/5 /1915 وراح فيها اكثر من الف جندي بريطاني،وكان انتحار القائد التركي وراء انكسار جيشه وفشل الهجوم.

المحور الثالث: وهو محور دجلة اي(معركة المشاحيف) فبعد ان صد الجيش البريطاني محوري الشعيبة والحويزة عسكرا في القرنة واصدر قائدهم(نيكسون) اوامره الى الجنرال(طاوزند) بالزحف على مدينة العمارة،وكان بامراته خمسة زوارق حربية مرابطة في نهر دجلة ومزودة بالمدفعية الثقيلة، وجعل(طاوزند) من سارية الزورق(اسبيغل) مقرا له للاشراف على المعارك وسماها(عش الغراب)، اما الجيش التركي بقيادة(حليم بك) فقد تخندق في التلال الرملية جنوب العزيز شرق اهوار (ابو عران) ومعهم ستماتة مسلح عربي والف ومائتا مقاتل من عرب الاهوار الاشداء بمشاحيفهم المدببة بقيادة العراقي(تحسين العسكري) وكان الشيخ (عريبي الوادي) شيخ عشائر آل بو محمد قد امر ابن اخيه(مجيد الخليفة) بارسال خمسمائة مشحوف وثلاثة الاف مقاتل من عرب اهوار المجر الكبير لتعزيز قوة ابو عران فاتخذوا من غابات القصب والبردي مركز انطلاق للتعرض على الجنود البريطانيين وقتلهم والسيطرة على اسلحتهم، حيث سببوا ازعاجاً لهم(المصدر مذكرات طاوزند) وقد قام القادة البريطانيون باستطلاع المنطقة، حيث جاءت التقارير الاستخبارية بان الاتراك في مواقع حصينة يسندهم عرب الهور بمشاحيفهم المدببة والسريعة ولا يمكن اختراقها، فتأجل الهجوم شهرا كاملا، كما قاموا بتغيير خطة الهجوم وذلك بصنع 328 مشحوفاً مصفحا يسع كل واحد منها تسعة جنود ودربوا كتائبهم على كيفية الركوب بالمشحوف واستخدام المردي الغرافة والسير في الاهوار، وعلى كل مشحوف ان يزود بالرشاشات والمدافع الخفيفة وتكون في مقدمة القطاعات العسكرية.

وفي صباح 1/6/1915 باغت البريطانيون الاتراك بهجوم كاسح من البر والنهر والاهوار، في حينها كان عرب الاهوار على غفلة وعدم اخبارهم بالهجوم، فثارت المدفعية الثقيلة من الزوارق الحربية لاسناد المشاحيف والمشاة وصبت نار حممها على اهوار(ابو عران) والتلال الرملية اي موقع الاتراك، ودارت معركة ضارية اشترك فيها الطيران البريطاني لاول مرة فكان عرب الاهوار ينزلقون بمشاحيفهم كسمك القرش(المصدر:طاوزند) ويقتلون الجنود بالرغم من نيران المدفعية الكثيف والتي هشمت مشاحيفهم واحرقت غابات القصب والبردي، اما الجنود البريطانيون فاخذوا يتساقطون غرقا في مياه الاهوار من التعب والاعياء الذي اصابهم وحرارة الجو، فأصبحت جثثهم طافية في مياه الاهوار وزوارقهم محطمة واختلطت بجثث ومشاحيف عرب الاهوار الصامدة ودامت المعركة يوماً كاملاً، وكان طاوزند يراقب المعركة من شبيغل ومن عش الغراب، اما الاتراك فقد تركوا مواقعهم وفروا من المعركة، وقد قتل من قتل ومن وقع في الاسر او سلم نفسه كما حصل لقائدهم حليم بك فتابعهم البريطانيون الى مدينة العزيز واغرقوا سفنهم كما حصل مع سفينتهم(مور مريس) اما زورق الموصل فقد رفع الراية البيضاء وسلم طاقمه بالكامل، وهكذا خذل الاتراك عرب الاهوار.

وعندما سمعوا بهذا الخبر انسحبوا الى عمق اهوارهم، بعد ان فقد الكثير من رجالهم ومشاحيفهم، وهذا النصر جعل البريطانيين يبثون الاشاعات وتوزيع المناشير بالطائرات، حتى وصلوا مدينة قلعة صالح، وما هي الا ايام حتى سقطت مدينة العمارة في 3/6/1915 وساد الهرج والمرج والقتل والسلب والنهب والدمار بالمدينة، وقد اغرقت ببحر من الدماء نتيجة القصف المدفعي العشوائي من الزوارق الحربية البريطانية ما جعل متصرف العمارة يسلم نفسه الى

القوات البريطانية، واصبحت العمارة تحت الاحتلال البريطاني وهكذا دمروا ودنسوا ارض سومر واثار دولة ميسان وزرعوا الفتنة والتفرقة واقطاعية جائرة متسلطة على رقاب عرب الاهوار، وبعد اكثر من قرن لا زالت قبور موتاهم جنوب العمارة تسمى بمقبرة الانكليز، واخيرا يرى المسافر على الطريق العام شمال القرنة قرية كبيرة بيوتها من الطين والطابوق ولافتة كتب عليها، قرية ابو عران.