أحدث ما نشر

مدونة الشاعر والباحث قاسم موسى الفرطوسي .

الاثنين، 7 يوليو 2014

وفاء للكاتب قاسم موسى الفرطوسي



وفاء للكاتب قاسم موسى الفرطوسي
 
في إطار متابعاتي عن الأهوار في جنوب العراق ألاحق بشكل حثيث الجهات والشخصيات المعنية بتلك المنطقة بشكل أو بآخر. وفي هذا الإطار تتأتّى متابعاتي لما يكتبه الكاتب والشاعر الشعبي قاسم موسى الفرطوسي الذي حاولت الوصول إليه من اجل إجراء حوار معه عن تلك المنطقة وهو من ابنائها وممن عمل فيها في ظل ظروف اجتماعية وسياسية مختلفة ولكن للأسف الشديد سبقني القدر إليه، حيث رحل الرجل قبل فترة الى جوار ربه.

للفرطوسي جملة من المؤلفات المهمة عن جغرافيا وبيئة الأهوار منها على سبيل المثال: "الصيد في الاهوار"، و"قاموس الاهوار"، و"الامثال الشعبية في الاهوار"، و"مشاهدات معلم في الاهوار" ، كما له عشرات المساهمات المهمة عن الاهوار في مختلف الصحف والمجلات.

لم يكن يكتب فقط عن قراءة ومتابعة، بل كان قاسم موسى الفرطوسي من ابناء تلك البيئة ويسجل مشاهداته عن قرب. انه من مواليد العام 1942 في "قرية الصحين" الواقعة اداريا في اهوار ميسان ضمن الاهوار الوسطى، حينما بلغ الصبا كان يقطع يوميا مسافة ساعتين بواسطة المشحوف من اجل الوصول الى اقرب مدرسة لتلك القرية، وهي مدرسة تقع في قرية "النكاره"، ناحية الخير حاليا، لكنه استمر بكل اصرار وتحدي واستطاع بعد جهود صعبة ان يكمل دراسته ويتخرج من دار المعلمين في ميسان عام 1962.

ولحاجة مناطق الاهوار الى الكوادر المتعلمة عيّن قاسم الفرطوسي في ذات العام الذي تخرج فيه معلما في قرية "الكبيبة" الواقعة في قلب الاهوار الوسطى، بالقرب من الحد الفاصل بين الحدود الادارية لمحافظات ميسان وذي قار والبصرة. قضى عدة سنوات هناك واجبرته الظروف الصعبة بعد ذلك على ترك المنطقة والانتقال الى بغداد حيث استقر هناك حتى وافته المنية في ربيع العام 2014.

منذ فترة طويلة يكتب الفرطوسي عن الاهوار من زوايا مختلفة، عن الطيور المهاجرة في تلك البيئة، عن الامثال الشعبية والجانب الفولكلوري، عن الصناعات اليدوية، عن شعراء الاهوار وبعض الشخصيات الساخرة فيها، الاسماك وطرق صيدها، ثم مشاهداته حينما اصبح معلما في الاهوار، والكثير من الموضوعات الاخرى التي كان يتناولها بأسلوب العارف تماما بتفاصيل تلك البيئة كيف لا وهو من ابنائها الاوفياء.

يتحدث الفرطوسي بوضوح عن ذلك في احد مؤلفاته فيكتب: "لأني ابن الأهوار ولدت وعشت فيها اكثر من خمسين سنة. وتنقلت بين قراها العائمة. وسلكت دروب (كواهينها). ونمت بظل غابات قصبها. وسمعت نقيق ضفادعها. وتألمت لأنين (براهينها). وشربت من حليب جواميسها. وطرت مع اسراب طيور (حذافها). وتلذذت بخبز (رصاعها). وذقت حلاوة (خريطها). وتحملت لسع بعوضها. وجلست في دواوين مضايف اهلها وحفظت (سواني) عشائرها. فأنا اختلف عن كل من كتب عنها من العرب والأجانب لأنهم لا يعرفون اسرار بيئتها".



الكاتب
جمال الخرسان فلندا