أحدث ما نشر

مدونة الشاعر والباحث قاسم موسى الفرطوسي .

السبت، 12 يوليو 2014

كفن يونغ .. اوربي في@ الاهوار



كفن يونغ .. اوربي في الاهوار

ولد كافن يونغ في جنوب ويلز في المملكة المتحدة وامضى صباه في ( كور نورك ) ودرس التاريخ في جامعة اكسفورد في لندن وعمل في شركة شحن بحرية في البصرة وعاش بعدها سهول وجبال المملكة العربية السعودية وفي عام 1960 اصبح مراسلا لصحيفة الاوبزرفر اللندنية في كل من تونس وباريس ونيويورك وقام بتغطية اكثر من خمسة عشر حربا وثورة في العالم عام 1974 ، عمل فلما عن الاهوار العراقية..وزار المتاحف والمناطق الأثرية ( الاشن ) في العراق ودرس حضارة وادي الرافدين فأصدر عام 1980 كتابه ( العراق ارض الرافدين ) .. ثم أصبح مولعا بالرحلات البحرية واستخدم اكثر من خمس وعشرين نوعا من الزوارق في سفره فسافر من اثينا في اليونان الى ( كانتون ) في الصين ومن شنغهاي الى جنوب افريقيا مارا بجزر فوكلاند حتى وصل الى بريطانيا فأصدره كتابه ( زورق بطيئة الى الصين ) عام 1982 .. وقبلها دخل الاهوار وامضى اكثر من ثلاثين سنة يتردد عليها حتى استطلعها بطائرة مروحية ، ففي ربيع عام 1952 دخل كافن يونغ الاهوار بصحبة صديقه الرحالة البريطاني ( ويلفر ثيسيكر ) مؤلف كتاب ( المعدان عرب الاهوار ) ثم انفصل عنه واشترى مشحوفا خاصا به ..وتطوع شبب الاهوار ( عجرم ، سبتي ، حسن ، حافظ ) لمرافقته وحمايته ( دوافيع) في تجواله .. ففي اهوار ميسان اتخذ من قرية ( ابو مغيرفات) ومضيف صديقه ( اصحين ابن كاظم ) مقرا له ومن عشيرة الفريجات اصدقء حتى اصبح ( فريجيا) وارتبط بصداقات مع الاقطاع انذاك ( فالح ابن مجيد .. مزيد الحمدان ) وزار اهوار الصحين والعكر والصيكل والحويزة وابو شذر وزجري ) اما في الناصرية فكان مقره ( العويدية ) ومكان استراحته في مضيف العم الشيخ ( جاسم فارس الفرطوسي ) وتجول في اهوار ( الحمّار ، الجبايش ، الفهود والطار ) وتعرف على عشائرها ( بني اسد ، العمايرة ، ال جويبر و البوشامة ) اما في اهوار البصرة فكان صديقه الحاج ( حميد الحجاج ) وهو صاحب اكبر معمل لصناعة المشاحيف في مدينة (الهوير ) فصنع له مشحوفا خاصا به يستخدمه  اثناء تنقله وهكذا عاش وتعايش كافن يونغ مع عرب الاهوار ( المعدان ) فنام في دفء مضايفهم ورشف من فناجين قهوتهم وتلذذ بخبزهم ( الطابك ، السياح ، والرصاع ) واكل من مسكوف اسماكهم ( الكطان ، البني ، الشبوط ) ومن لحم طيور اهوارهم ( الخضيري والحذاف والبربش ) وتذوق مشتقات حليب جواميسهم ( الرثي ، الروبة ، الجبن واللبن ) وشاركهم افراحهم فحضر زفاف ( عجرم الفريجي  وانصيف الفرطوسي ) وكان وفيا لصديقه ( سيد سروط ) فزار مرقده في النجف الاشرف وفي لندن ضيف فالح الفرطوسي عندما ذهب الى العلاج في لندن . وكافن يونغ شاب وسيم وطويل القامة هذا ما اتذكره عنه عندما كان يتردد على قريتنا العائمة ( الصحين ) حيث كنا نجتمع حوله نحن اطفال المعدان حيث كان يتكلم العربية بطلاقة وكتابه ( العودة الى الاهوار ) ذي الفصول الاربعة عشر كتابا قيما وقد اغنى المكتبات العالمية . وترجم الى بعض لغات العالم حيث صدر باللغة الانكليزية بطبعتين (1977 و 1987 ) وقد اعيدت الطبعة الثانية عام (1989) وكذلك خضع لترجمتين باللغة العربية فكانت الاولى عام ( 1990 ) للاستاذ ( فريد ضياء شكارة ) واشرف عليها وقدم لها المرحوم ( واثق الدايني ) ومن اصدارات دار الشؤون الثقافية ، اما الطبعة الثانية فصدرت من دار المدى الثقافية (2006 ) وترجمها الاستاذ حسن الجنابي المغترب في سدني واشرف عليها الفنان ( محمد سعيد الصكار ) والمغترب في فرنسا وقد ابدع الاستاذان ( شكارة والجنابي ) بتلك الترجمتين وعندما خرج كافن يونغ من الاهوار كان قلقا على مستقبلها والخوف عليها من التقدم الحضاري والمدني الجامح وكان توقعه صحيحا حيث حلت عام ( 1992 ) جريمة تجفيفها فكانت اكبر كارثة بيئية واقتصادية واجتماعية في زماننا هذا والتي جولتها من جنة الله على الارض الى صحراء جرداء لا نبت فيها ولا ماء ولا اسماك و لا طيور ولا مضايف سومرية ولا قرى عائمة وهاجر اهلها ذوو الاصول السومرية الى المدن القريبة ولكن لنا الامل الكبير بعودتها ضمن الخطة العلمية والحضارية المرسومة لها وسيعود اهلها بجواميسهم ومشاحيفهم المدببة وبيوتهم العائمة الى ارض سومر .

قاسم موسى الفرطوسي