أحدث ما نشر

مدونة الشاعر والباحث قاسم موسى الفرطوسي .

الاثنين، 7 يوليو 2014

عندما يغني القصب



عندما يغني القصب
   






15/4/2014 12:00 صباحا
في آخر لقاء معه  الفرطوسي ..
بغداد – ثقافة شعبية
رحل صياد ومعلم  جزرة " الشج"  في هور الصحين الاستاذ والكاتب قاسم الفرطوسي . وريث كلكامش وامينه على لغته وعاداته وتأريخه.  لم يدخر الراحل وسعا في التعريف بارث الاهوار العراقية وتاريخها ،مؤرشفا لعادات اهلها ولغتهم وغنائهم . انفردت الصباح بعاشق الهور قبل غيابه الابدي، في لقاء اخير حول الموروث الغنائي الاهواري.

الهور سكن ومأوى لكل الثوار والحركات التحررية في العراق،واغنيته جزء من هذا الموروث الانساني،نابعة من بيئته،وملحنه  بـ " ونة " صوت الهواء وهو يضرب على القصب والبردي ، وبصوت الناعيات في الليل ،وعند الطحن ، امتدادا  لحزن كلكامش وانكيدو،وكأن خيطا من الالم الدفين مازال عالقا لايغادر وجدان سكان العراق . يرصد الفرطوسي تكرار بعض المفردات في غناء الهور الشجي  مثل كلمة " هواي ". يغني مسعود العمارتلي " من جابوا طاري هواي بالزبد غصيت" وفي حال البعد مثل " جا ليش ما تنشد عليّ ياهواي" ، كما يتضمن الغناء المحاورة بين الام وابنتها فضلا عن غناء البطر" البطرانين" .

تتميز العائلة الاهوارية بالعمل ،فيكون قص الحشيش من نصيب البنات ،لتبدا قصة غناء الحب
باستخدام الدارمي الذي يربط الحبيب بالوشاة وبرفض العشيرة والعادات والتقاليد والحسد والغيرة.لينشدن " كلتني ام هواي سمسم بتاوه ..والعشك شب بالراس مثل النساوة" او البيت الشائع  " ضل ابجي طول الليل ابداً ماهزك.. كون انت ابن هواي جان اشمعزك" او الدارمي الذي يحكي قصة زواج احداهن من رجل لا تحبه لتنشده في الصباح  " مسطرة الغمان سطر الشلوكة.. كون الولف بطيخ اكطع واضوكة" او تلك التي تحذر حبيبها " امي ما ترضاش لا تمر بينه .. والواشي والنمام يسمع حجينا"
ظل المطربون  هناك محافظين على غنائهم ولم يتأثروا بغناء المدينة،واسسوا فرقا غنائية ومنها فرقة " ابو حاتم " في هو ر الصحين ،من روادها الاوائل سيد محمد وصالح الحمراني.
لم تعرف موسيقى الاهوار الربابة او الناي بل كانت عبارة عن ضربة باليد و " مطكة" بالفم وتدخل عليها الصينية والسبحة ،ليشكل ارتطامهما رنة محببة تساعد على انتظام ايقاع الغناء.

اهوار الاحواز هي امتداد لاهوار العراق ، تقطنها قبائل عربية من بني كعب ومالك ،لا يكمن الاختلاف في الاطوار بل في الاداء ،نتيجة البيئة والوضع السياسي والاجتماعي. اختلطت اغنية اهوار الجنوب بالاغنية الخليجية واغنية المدينة فدخلت الات جديدة كالطبلة ومفردات مدينية عمقت هذا الامر خصوصا بعد جفاف الاهوار ورحيل سكانها الى المدن.
 يختلف طور ولحن الاغنية الاهوارية  من هور لاخر.اذ يتميز غناء هو الصحين بمفردة " الجي" عن هور الجبايش والاهوار الاخرى.كما ترتبط اغاني هور الصحين بقضية الحرية نتيجة الالم والظلم الذي تعرضوا له .
 الاقطاعيين لهم غنائهم الذي يختلف عن غناء اهل الهور، يدعى غناء "البطر" اي البطرانين ، تغنيه حاشية الشيخ ونساءه  في الافراح مثل اغنية " حمرة ياطماطة منين جابوج"   واغنية " تموت تموت .. ياخلف ليلة تموت " التي تروي قصة زواج الشيخ خلف عندما اتوا له بزوجة.

 كون الك راده

ينتظر المراهقون من كلا الجنسين شهر رمضان بلهفة فهو موسم الحفلات بعد الفطور،اذ تصنع الدفوف من جلد البجع وتنقش برموز سومرية قديمة للبنات بينما تصنع الام طبلة صغيرة " زنبور" لابنها من جلد الغنم وتصبغ باصباغ ملونة ،لتبدا حفلات العزف والغناء مثل " هواي هواي عليش ماتنشد عليّ ياهواي " او " يا اهل الضعن تانوني" فضلا عن اغنية مشهورة ترددها البنات مجتمعات " كون الك راده يابن عمي انحدر" ثم تنشد دارمي وهكذا تستمر الحفلات لوقت متأخر. .

اطوار

غياب الراديو ساعد في انتشار الاطوار الغنائية في اهوار ميسان والناصرية،تحديدا في هور الكحلاء بواسطة بيت " مهيوم"  عبر ثلاثة شعراء ومطربين كانوا يحضرون الاعراس انذاك. يتميز طور المحمداوي بنغمة خاصة اهلته لاحقا ليصبح مدرسة في الفنون الموسيقية.سمي بالمحمداوي لانه نشأ في عشائر ال ابو محمد ،واول من غناه كان " محمد بن يسر " بينما يؤشر مصدر اخر الى ان اول من غناه هو" محمد الفرطوسي " الذي رحل من الاهوار الشرقية الى الغربية لقضية عشائرية وسكن مع ال بو محمد .اتى بعد محمد بن يسر " السيد فالح " المولود في العام 1901،ليؤسس لاحقا طور الصالحية والساعدية ومن اشهر مطربيه الفنان نسيم عودة.
ابرز من غنى المحمداوي هما الشاعران " ابو زعون الفريدي " الذي توفي قبل 150 عاماً و" خضير ابن ديوان".
نشأ طور "الصبي " في اهوار سوق الشيوخ ،عن قصة ابطالها كل من صانع المناجل في سوق الناصرية سنة 1863 " رومي ابن شعلان" والاقطاعي المعروف " ناصر الاشكر" الذي اسس مدينة الناصرية واصبح محافظا لها. عندما ارسل في طلب رومي وطلب منه ان يؤلف ابوذية ويغنيها،استهل خوف رومي بن شعلان الابوذية بكلمة " اياويلي" التي اصبحت لازمة تفتتح بها الابوذية الى يومنا هذا.
فانشد " جلد ذاك اللفاني اليوم جلداي.. وبين الخلك حل اليوم جلداي.. اغني لو يوذر الشيخ جلداي..وتظل داري خلية" لينتشر الطور الصبي في اهوار العمارة ويتميز الصابئة المندائيون  بغناءه اليوم. كما لا يمكن انكار دور " بيت سرحان " عائلة الملحن الكبير علي سرحان في نشر طور المحمداوي في بغداد سنة 1954 في منطقة الشاكرية والوشاش